Thursday, February 23, 2012

حينما اخبرت امى


ربما لا تعرف كثير من الامهات هذا, ولكن جزء من طموح الابناء هو فى الواقع حلم الاباء. كل ابن يتطلع الى ارضاء والدية والترقى الى مايتمنوة.

لقد ظللت طوال الوقت افكر فى اخبار امى عن السر الذى  كان يأكلنى من الداخل, لقد كنت متأهب تماما لما سأقولة, لكن التوقيت هو ما اختل. اردت ان اقول عن مثليتى, ربما فى سن الخامسة و العشرين. بعد استقلاليتى واعتمادى الكامل على ذاتى.

اتذكر مكالمتها لي قبيل العيد بعشرة ايام, كنت على حافة الاكتئاب, على وشك الانهيار. عندما بدأت امى تتحدث عن الزواج, وعن رغبتها فى تزويج اخى الاكبر, والاحلام لى بالمثل. حينئذ لم استطع, شعرت بالعبء يتثاقل على كاهلى, والثقل يزداد. انى اشيخ تحت وطأة احلام والدى مع علمى بعدم قدرتى على التنفيذ. ظللت اضغط على نفسى وهى تتحدث, واضغط واضغط واضغط. حتى انفجرت بالصاعقة فى وجه والدتى: انا مثلى الجنسية

لوهلة لم تتحدث امى. اعتقدت انها لم تستوعب الكلمة, فكررت الكلمة باكثر من معنى حتى تفهم. مثلى, جاى, هوموسكشوال. على الرغم من اعتقادى بان امى ستفهم بسهولة لكن هذا لم يكن , لا اثناء هذه المكالمة ولا خلال عشرات المكالمات التى تلتها والتى ظللت اشرح فيها معنى المثلية كمدرس يشرح لتلميذ بليد عن نظرية التطور.

كنت مكالمة بمكالمة اشعر من خلال اثير التليفون  صوت احلام امى وهى تنهار تحت وطأة كلماتى والتى كانت تحمل حسما مخلوط بحزن على حال امى: لا علاج لى ولا زواج ولا تغيير. انا كما انا تقبلينى كمثل كونى.

على قسوة كلماتى ولكنها كانت ضرورية لانها كانت لتحدد الكثير من الخطوات المستقبلية لى ولها. لما كنت لاريد ان تضع امى احلاما زائفة الواحدة تلو الاخر وانا ادهسها بوقائع. فاردت ان اقل لها الحقيقة عارية مجردة من كل شئ.

امى حتى الان الوحيدة التى لا تزل غير كاملة التقبل, مازالت تزرع بذور صغيرة لاحلام بالتغير وانا ما البث ان اخنقها, لانها ليست احلامى. انا اخلق مستقبلى واحلامى واصوغهم كما يبدو لى وليس لاخر

وان كنت لا الوم نفسى على خطوة اعترافى لامى, لان كتمان الحقائق يخنقنى, واحلامها تقصم وسطى, الا انى ما زلت اشعر بالاسى لها, كم احبها واريدها ان تعرف ذلك, ولكنى لست من يستطيع ان يشيد قصور خيالها على الواقع, فلتلجأ لغيرى او لتكتفى بالواقع على شكله الحالى.

الى كل ام تعرف ان ابنها مثلى الجنسية. انا ادرك المك, ابنك يدرك احساسك, لكن انتى الان فى مقايضة بين سلامة ابنك او خسارة ابنك بكليتة. انا اعلم انك تريدين انقاذ ابنك من مجهول لم تعتادى عليه, لكن اذا اعتنقت مبدأ الضغط على الابن فسينتهى بك الامر بخسارة فادحة. حتما سيصل ابنك الى المرحلة لتى يكون فيها حاسم قراره. وكل صدع فى العلاقة سيظل قائما مهما حاولتم فى رأبة. احتوى ابنك, حبيه بلا شروط, بلا قيود, بلا احلام معقودة. حبيه كما هو وكما كان, باختلافه وبتميزة وعلى نقائصه.


مشهد بين سيجورنى ويفر وريان كيللى من فيلم صلوات لبوبى Prayers for Bobby

,

Tuesday, February 21, 2012

هوموسكشوال

ان تكون مثليا ليس اختيار بالطبع, من الغباء ان يتهمك اى شخص بانك اخترت المثلية وهى حرام وشر مستطير, حينئذ اسأله ببساطة وسذاجة فعالة: ذكرنى متى اجلسونا على طاولات وخيرونا بين النساء والرجال. اذا كنت تتذكر شيئا من هذا القبيل فخبرنى.

لكن المختلف فى المثلية هو اعترافك امام ذاتك بانك مثلى, بانك مختلف وبان رغباتك تسير ضد التيار العام للمجتمع, هذا يأتى لاحقا



كنت اعلم ان هناك شئ ما عندما يتعلق الموضوع بى, ولكن عقلك يمنعك من الاعتراف بهذا, هو يحميك من ذاتك. من الاكتئاب. من الخوف من المجتمع. من اضطهاد المجتمع. من الاحساس بالانعزال. من احساس واهم بالدونية, بان تكون من الاقلية التى قرر المجتمع ان (يحط عليها) ويجرمها من الفجر للعشاء.

لهذا ظللت اعلم بان خطبا ما بى لكنى لم اطرحة امام العقل الواعى على طاولة المدولات والمناوشات والنقاشات والهات وخد ومش عارف لية وابصر اية ومين وفين, حتى كنت اتحدث مع صديقى العزيز الذى اسعد جوارى ست سنوات متصلة حتى الان, وما ان تفرع الحوار عن المثلية حتى ذكر شيئا ما عن طبيب ظهر على احدى القنوات وافتى بان المثلية هى عن قلة اتصال المثلى بعالم الرجال, و و و ... الخ.



يومها عدت الى منزلى وبداخلى احساس بالعرى, لقد انكشفت امام نفسى على الرغم من انكارى وحان الوقت للنطق . انا مثلى.

حينئذ بدأ سيل من الافكار والمخاوف والرعب من المجتمع يحوطنى من كل الجوانب. وبدأت لعبة ال21 سؤال

لماذا انا مثلى ؟

هل هناك اشخاص اخرون ؟

كيف سأعيش فى هذا المجتمع ؟

هل المثلية مرض ام هو اختلاف ؟

هل يمكن العلاج, وكيف اتعالج ؟

هل سأتزوج ؟

ماذا لو عرف اهلى ؟

ماذا لو عرف اصدقائى ؟

لمن الجأ فى مثل هذه الازمة





لن استطيع ان اجيب عن هذه الاسئلة الان, ربما ساوضح اجاباتى ووجهة نظرى لاحقا فى باقى المدونة. لكن هذا ما استطيع ان اقوله الان, لقد عشت بعدها مدة فى اكتئاب شديد, وحالة نفسية تتأرجح بين سئ واسوأ. وام تلاحظ حالة ابنها تتراجع ولا تعرف ماهية الاسباب, وزيارات قليلة لطبيب نفسى لمحاولة فهم لابعاد القضية, وقراءات مستمرة عن المثلية من جميع جوانبها. قراءة لا تضع العاطفية او الانحياز او الكراهية, لاشخاص يتسمون بالحيادية التامة فى الحوار.



لا احكى بداية معرفتى بالمثلية لاستدرار العطف, انا الان اعيش حياة نفسية سليمة ومستقرة. انا متقبل ذاتى كما هى. انا مستقر نفسيا. انا متقبل الحياة. انا سعيد. انا مثلى



ليس كل من مروا بمثل تجربتى وصلوا لمرحلة التصالح مع النفس, بعضهم حارب ومازال يحارب. والكثير مازال فى انكار, والبعض منهم يحاول الفرار من حياة فرضها عليه المجتمع ان تكون بدرجات الرمادية, واتمنى لهؤلاء ان يصلوا للراحة النفسية مهما كان قرارهم, لكن رسالتى اوجهها الى المجتمع واتمنى ان يتفهم ويتفاهم.

لا تتبنى موقف عنصرى من مجرد عنوان, لا تتبنى وجهة نظر دون ان تفهم, لا تكن اكثر قسوة على المثلى من ذاتة. اقرأ اكثر وتواصل اكثر وسترى الكون باكثر من منظارك الضيق للحكم على الاشخاص. اعلم ان المثليين ليسوا هم اشخاص بعيدة عن محيطك كما تتخيل, وليسوا بالأشرار. ستجدهم من افراد عائلتك, اصدقائك, زملائك والمقربين لك. متى فتحت عينك فستراهم.